تابع مرصد رقابة منذ مدة عددا من ملفات الفساد المتعلقة بالشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية بتنسيق مع شرفاء من الشركة بغرض تمكين العدالة من كل الملفات وإعلام الرأي العام ردعا لكل من تسول له نفسه وضع اليد على مقدرات الشركة والاستفادة من موقعه للإثراء على حساب الشركة وأعوانها ونوعية خدماتها.
عمليات حرق اجرامية
من بين القضايا التي وردت على فريق مرصد رقابة تتعلق بعملية حرق اجرامية لآلتي طبع التذاكر والاشتراكات بمحطة برج السدرية بوحدة أحواز تونس في مرتين منفصلتين. الحريق الاجرامي الثاني تم في 20 جويلية 2019. وقد أدى الحريق الى اتلاف كل معطيات بيع التذاكر والمداخيل، بالنظر لأن آلات الاستخلاص من النوع القديم غير المرتبط آليا بالمنظومة المركزية. حيث يتم دوريا أخذ المعطيات في “فلاش ديسك” لإيداعها في المنظومة المركزية (ونحن في 2020 !!!).
عملية الحرق أثارت شكوكا عديدة، بالنظر لأنها تمت بعد تعطيل نقل المعطيات الى المركز بفترة طويلة (لمدة 10 أشهر كاملة !!)، ولأنها تزامنت مع التراجع الكبير في ايرادات وحدة أحواز تونس بالشركة بمبلغ تم تقديره ب 538 ألف دينار سنة 2019، وتزامنت مع التدهور الواضح للمداخيل في المحطة المذكورة، رغم تزايد عدد المستعملين للخط.
كما تزامنت العملية مع وجود اختراقات كبرى في التصرف في مخزون التذاكر اليدوية والتلاعب بمستندات التزود من المطبعة الداخلية التابعة لمديرية الشراءات والمطابع الخارجية، وغياب مستندات للجرد الشهري والسنوي وعمليات التصرف في مخزون التذاكر بمغازة الوحدة طيلة الخمس سنوات الماضية !!! وهي قضية محل تعهد من القطب القضائي المالي منذ أشهر.
وبالتالي، تكونت شكوك كبيرة في كون كميات كبيرة من التذاكر تم بيعها ولم تدخل الدورة المالية للمؤسسة. للأسف لم تقم الادارة المعنية بأي جهد في تفسير الانهيارات الكارثية في المداخيل خلافا لما تمليه التراتيب الادارية وما هو معمول به في ادارات أخرى.
وعند التقصي في الوضعية، ظهرت معطيات خطيرة زادت في الشبهات والشكوك. حيث تبين أن المسؤولة عن مغازة التزود بالتذاكر ومراقبة المداخيل (ن.ب.ع) هي شقيقة رئيسة المداخيل في محطة برج السدرية (م.ب.ع)، وأن زوج هذه الأخيرة شغل خطة رئيس محطة برج السدرية !!! كما تبين أن “المسؤولة المذكورة” تشغل عديد الخطط المتضاربة في المهام: مراقبة المداخيل، التسويق، اصلاح الات طبع التذاكر، الاشراف والتصرف في مغازة التزود بالتذاكر اليدوية والسندات واللفافات الورقية وغيرها.
وبالتالي تشكلت قناعة بأن حادثة الحرق فيها شبهات كبيرة بكونها عملا مقصودا بسابق الترصد والإضمار من طرف وفاق اجرامي من أجل اخفاء أدلة جرائم في حق الشركة والمجموعة الوطنية.
وبالنظر الى تعهد الحرس الوطني بالتحقيق في قضية الحرق قامت الشركة بتدقيق داخلي في حسابات محطة برج السدرية والمحطات الفرعية التابعة لها. وجاءت نتائج التدقيق، حسب تقرير التدقيق الذي تلقاه المرصد منذ مدة ونكتفي بنشر صفحته الاولى، لتؤكد بكثير من الدقة كل الشبهات المذكورة أعلاه وتقترح التمشي القانوني المناسب للتعامل معها عبر التحقيقات الاضافية والاجراءات التأديبية وانهاء وضعية تضارب المصالح.. وغيرها من الاجراءات، التي تهرب الرئيس المدير العام السابق للشركة فرج علي من اتخاذها ربما تحت ضغط العصابة المتورطة ومن يحميها.
وبسبب تهاون الادارة العامة السابقة للشركة، تمت احالة الملف من طرف شرفاء من الشركة الى العدالة، والملف اليوم في طور الابحاث المتقدمة. تم التحقيق مع 3 مديرين مركزيين وموظفين من الشركة التونسية للسكك الحديدية التونسية من طرف الفرقة الاقتصادية بالعوينة بخصوص قضية فساد في صفقة اقتناء 4 محركات لعربات قطار من ألفا مان (والتحقيق مع ممثلها في تونس).
ويذكر ايضا ان صفقة اقتناء العربات نفسها في 2008 هي قضية فساد كبرى ومعروضة على انظار القضاء (ومتورط فيها بن علي وجليلة الطرابلسي وعبد الرحيم الزواري).. التحقيقات المكثفة شملت الرئيس المدير العام السابق للشركة، الذي قام قبل اقالته بأيام بتعيينات في مواقع حساسة بشكل غير قانوني للإطارات المتورطين في هذه القضية والخاضعين الان للتحقيقات .
قام مرصد رقابة بنشر حيثيات هذه القضية تحية لجهد الشرفاء وإنارة للرأي العام وردعا لكل من يتصور أنه قادر على اخفاء الحقيقة وعلى الافلات من العقاب. وطالما اكد مرصد رقابة على ان الردع القضائي هو شرط رئيسي للقضاء على الفساد في المؤسسات العمومية ، كما ان ماكينة القضاء النزيه المدعوم من أمن اقتصادي يقظ وشريف تحركت .. ولا يجب أن تتوقف الا بعد تطهير البلاد من الفساد .. بالتعاون مع جهود الوطنيين الصادقين وشرفاء الادارة والمؤسسات العمومية.
تمت ايقافات بالجملة لمسؤولين في الشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية (منهم رئيس مدير عام سابق ومدير عام مساعد سابق) بعد أن أكدت الابحاث التي حصلت في وقت قياسي تورطهم في قضية التلاعب التي أدت الى اضرار بمصالح الشركة. وبعضهم متورط في ملفات اخرى بصدد التحقيق او التقصي.